الجمعة، 21 أكتوبر 2011

وفاء الأحـــــــــــرار ,,



يومٌ مشرقٌ مرَّ علينـــا .. ليس كمثلهِ يوم .. إنه يوم الإثنين 17\10\2011

حيث لمْ أرَ فيه بلدتي (غــزة) هكذا من قبل! فقد كانت ترقص فرحاً وبهجةً بعودة الغُيّاب ..وتدمع الأعين تأثُراً بتلك المشاهد التي لا تُروى بالكلمات , والتي لا تهِبُها الأبجدية إنصافاً في روعة الوصف!!

لقد كان يوماً مميزاً ,, استيقظتُ من نومي وأنا أرتقب هذا الحدث الجلل .. في هذا اليوم عاد ألفُ أسيرٍ محرر إلى حضن وطنه , إلى سريره ليغفى عليه , إلى حنينِ قُبلةٍ يزرعها على كفّي أمــه ,, إلى زوجته التي ما انفكّت تنتظره بعد طول الغياب ,, إلى من تركها نطفةً تسبح في رَحِم أمها وعاد ليجدها "عــروس" .. إلى أصدقاء الطفولة , إلى بيت "العيلة" .. إلى هواء الحـــــــــرية .

بدأتْ مراسمُ الاحتفال بمثلِ هذا اليوم المرتقب بقطع التيار الكهربائي (كالعـــادة) , فتحتً الراديو على جهازي الجوال لِكَيْ أستطيع أن أشاركهم تلك اللحظات الوجدانية , ولكني لمْ أستطع أن أقنعَ نفسي بالفرحة , فلم يكن الصوت وحده كافٍ , برغمِ أنه كان كافياً لإرغامي على ذرف بضعَ دمعاتٍ فرحاً ..!

لم أقدر على مقاومة ذاك الشعور الخبيئ بداخلي,ولا أن ُأرضي فضولي العاطفي.. أردتُ أن أكونَ في قلب الحدث , فطلبتً من أخي أن يُشغل المولد الكهربائي (الماتور بلغتنا المعهودة) لكي نستطيع مشاهدة التلفاز والبقاء على تواصل مباشر مع تلك المراسم الجميلة صوتاً وصورة ..



لمـ يكن أجمل من فرحة الأسرى بتحررهم من أسرهم سوى عناق وفبلات أهالي المحررين , كم لتلك المشاهد وقعاً جميلاً على النفس,حيث لا مجال حينها إلا لابتسامةٍ تكللها الدموع , ليست ردة فعلٍ مبالغٌ فيها!! لكنها واللهِ أجمـــل ما رأيتُ في حياتي ..

وتلاقت الأرواح من جديد من بعد غيابٍ طال كثيراً .. فمنهم من بقي لأكثر من 33 عاماً أسيراً في قبورٍ لا تعرفُ سبيلاً لخيوط الشمس , وهنا أسيرٌ محررٌ أُسِرَ في العزل الانفرادي لأكثرَ من 13 عاماً .. وهنا آخر حُرِّرَ ليخرجَ منفياً بعيداً عن أهله وبلدته .. وهنا أحدُ أقربائي ويُدعى "مروان" ظلَّ يصارع حياة الأسر لما يقارب العشرين عاماً ..


عادوا ليجدوا ما لم يعهدوه من قبل , حيثُ الأماكن ليست كما رسموها في مخيلتهم على تراكم السنين منذ رحيلهم , ولا هم نفس البشر الذين كبروا بعيداً عنهم .. فقد كبرت الأعمار وكثُرت التجاعيد, ورحلت الأجداد وجاءت الأحفاد , أقبلت العمران وتطورت التكنولوجيا .. فتلك الشجرة التي كانت تقف على عتبة البيت قد قُطِعت كي لا تُشوش إرسال ال (وير ليسwireless) , وكي لا تزعج طيورها زبائن( المول) التجاري المقابل!!

لقد عادوا إذن .. عادوا مُحملين بثُقلِ ماضٍ مؤلمـ ,, عبء حاضرٍ مختلفٍ تماماً  ,, وهمِّ مستقبلٍ مجهول!!

وأنا من بين هذه السطور , ما بين فرحةٍ لا يسعها فرحة وبين غصةٍ تُحشرجُ ألماً في أعماقي , لا أملكُ إلا دعوة من القلب أن أسعدكم الله أحرار وطني بين أهليكم وأحبابكم من جديد , وأعانكم على التأقلم مع واقعٍ جديد , فكرٍ مختلف , وبشرٍ غيرَ معهودين ..

وأهلاً بكم أحبابنا في سجننا الكبير .. وابتســــــــــــــموا أنتم في غــــــــــــــزة
أترككم مع صور لا تنسى ..



وهل من ذلك أجمل؟؟!!
عناق العيون، يليه عناق الأجساد..
يــــــــــــــــالله ..




الأسيرة المحررة أحلام التميمي: "عندما خرجت من السجن رأيت القمر لأول مرة بعد سنوات الاعتقال، وكان قلبي يخفق بشدّة"
امرأة لها ابنان و أربعة أحفاد في الأسر كانت ترقص بالأمس فرحاً فسألوها كم واحدٍ منهم خرج؟
قالت لم يخرج احد, ولكن الاسرى كلهم اولادي !
كل الرايات كانت حاضرة
سجدة الشكر لله تعالى ,,
يــوم من الايــآم التاريخية لفلسطين .. الفرحة ، لآتصِفُهآ الكلِمآت :"))
 كلمة " شكراً "بِحجمِ السمآءِ لكل من ساهم في انجاح صفقة وفاء الأحرار ..
اللهمَّ أتِمهآ علينآ فرحةً كآملةً ،
وعرساً فلِسطينياً كبيراً ،
بِ تحريرِ كآفةِ الأسرى ،
ومعهم يكونُ تحريرِ الأقصى ..}

ليست هناك تعليقات: